السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اليوم أردت التطرق لموضوع مهم جدا ألا و هو الاختبارات العملية في أثناء عملية التصميم للصواريخ و أي مركبات طائرة
كل منا قد يكون دخل مختبرا معمليا فيه تجارب سواء في المدرسة أو الجامعة سواء كان ذلك المحتبر مختبر فيزياء أو كيمياء أو غيرها
و الحاجة إلى الاختبارات العملية تكمن في أننا عندما نقوم بالحساب و الحل النظري نقوم بوضع افتراضات و تقريبات قد لا تكون صحيحة, هذا غير أنه قد تحدث أخطاء أثناء الحسابات باليد, و هناك اعتبارات أخرى مثل البيئة الخارجية و العوامل التي لا سيطرة .
للإنسان عليها تؤثر على النتائج. و من هنا ظهرت أهمية الاختبارات العملية
و في مجال تصميم الصواريخ و الطيران عموما هناك العديد من التقريبات التي تكون داخلة في الحسابات و هناك عوامل من المستحيل أو الصعب جدا إدخالها في الحسابات, مثلا اضطرابات الهواء و حركته غير المنتظمة, و أيضا عملية انصال الجريان عن السطح (راجع صفحة الديناميكا الهوائية) و في المحركات هناك قيم لا يمكن حسابها إلا عن طريق تجربة المحرك عمليا, و غيرها الكثير.
و كما تعلمون هذه الاختبارات تحتاج إلى معدات و أموال للقيام بها حيث أن بعضها تتطلب إتلاف ما قمت بتصميمه بعد أن تصممه بالمواد الفعلية!!! و لكن يمكن استخدام طرق مبسطة أكثر و الفرق أن القيم ستكون أقل دقة.
الدول الغربية تتفوق علينا في هذا المجال كثيرا لأنهم ينفقون على هذه الاختبارات و البحوث و لديهم تقنيات في الاختبار و القياس لا نمتلكها نحن حتى هذه اللحظة.
لكنه من المحتم في عملية التصميم و الضروري جدا أنك تقوم بهذه الاختبارات حتى تتأكد من حساباتك الأولى و تحصل على قيم أكثر دقة.
لندخل أولا بالحديث عن طرق حل المشاكل الهندسية أو المسائل, هناك ثلاث طرق
Analytical
الطريقة التحليلية: تعطي الحل الصحيح لكنها تتعامل مع المسائل البسيطة و لا تصلح للمسائل المعقدة
Computational
, الطريقة العددية أو التحسيبية: و هذه تستخدم الطرق العددية مثل طريقة العناصر المحددة لحل النظام الهندسي و عندما نقول نظام هندسي نحن نقصد أي مسألة هندسة يمكن أن تعبر بمعادلات مثلا جريان الهواء حول الصاروخ أو حركة الصاروخ في الجو أو هيكل الصاروخ و الأحمال المؤثرة عليه
في الطريقة العددية نعتمد في الغالب على تبسيط المعادلات المعقدة و تجزيئها إلى عدة أجزاء و حل تلك الأجزاء باستخدام الحاسوب
و تتمثل هذه الطريقة في برامج الحاسوب مثل
ANSYS, NASTRAN, FLUENT
و تعطي قيم ذات دقة محدودة و ليست صحيحة 100% و لكنها تعطي تقريبا جيدا, من عيوبها أنه تعتمد على خوارزميات معينة و ليست كل الخوارزميات تصلح لكل المسائل
Experimental
الطريقة العملية: و هي التي تمثل في الاختبارات العملية و تعطي نتنائج حقيقة في الغالب و عيبها أنها مكلفة و تستغرق زمنا في التحضير و استخراج النتائج
لنذكر بعض أهم الاختبارات العملية التي قد تدخل في تصميم الصواريخ
اختبارات الديناميكا الهوائية
تتمثل في النفق الهوائي و له عدة تقسيمات بناءا على السرعة (فوق صوتي أو دون صوتي) و تقسيمات بناء على التصميم (دائرة مغلقة أو دائرة مفتوحة) و في الأسفل صور لبعض الأنفاق الهوائية
و الصورة الثانية في الأعلى تمثل صورة لنفق هوائي فوق سرعة الصوت بخمس مرات و تلك الأنفاق الهوائية فائقة السرعة تعطينا شكل الجريان حول المركبة الطائرة و يعطينا تصور للصدمات الموجية
Shockwaves
كما في الصورة الآتية
بالنسبة للأنفاق الهوائية المفتوحة فالصور التالية تبين التركيب الأساسي لها, و قد يتغير من نفق هوائي لآخر
في الصورة الثانية رقم 1 يمثل المسند الذي يستند عليه النفق الهوئي, رقم 7 يمثل المروحة التي تقوم بالشفط, رقم 8 يمثل الناشر الذي يقلل سرعة الهواء قبل أن يعود إلى الغلاف الجوي, رقم 9 يمثل مقطع الاختبار الذي نضع فيه النموذج الذي نريد اختباره, رقم 11 يمثل المنفث الذي تزيد فيه سرعة الجريان لتصل القيمة التي نريدها, و رقم 12 يمثل المقطع الذي يقوم بتنظيم جربان الهواء حتى يدخل لنا بدون اضطراب, هذه أهم الأجزاء في الصورة
يوفر لنا النفق الهوائي حساب قيم القوي و العزوم المؤثرة على النموذج داخل النفق الهوائي, و ذلك باستخدام موازن ينقل القوة من النموذج إلى نظام يحولها من إشارة كهربائية إلى قيمة ذات معنى
أيضا يمكننا فيه حساب الضغط و السرعة باستخدام المانومتر و أدوات مثل
Pitot tube
في النفق الهوائي و أي تجربة معملية حتى نستطيع الحصول على القراءات و النتائج من التجربة هناك نظام اسمه نظام استخراج البيانات
Data Acquisition System
يوجد حساس متصل مع النموذج هذا الحساس ينقل القوة أو العزم في شكل جهد كهربائي, و من ثم يقوم النظام بتحويل هذا الجهد الكهربائي إلى أرقام ذات معنى.
يبقى السؤال كيف نعرف قيمة الجهد التي تمثل لنا قوة معينة؟ هذه العملية تتم بعمل معايرة
Calibration
قبل القيام بالتجربة
حيث تعرض الموازن لأجمال معروفة مسبقا و تلاحظ قراءاته و نقوم بعمل علاقة بين الحمل المسلط على الموازن و قيمة الجهد التي يعطيها لنا و بذلك يمكننا معرفة القوى عندما تأتي من نتائج النفق الهوائي
اختبارات الهياكل
بعد تصميم الهيكل و تحليله في الكمبيوتر يجب عمل اختبارات له بحيث يتم حساب الحمل المسلط عليه و يتم تشبيه هذا الحمل بأحمال مصنوعة يدويا لتعطي نفس أثر الحمل الحقيقي, و يختبر الهيكل بنفس المواد الحقيقية للتعرف على مدى تحمله و ملاحظة الانحناء و التشوه الذي يطرأ على الهيكل.
و قد يكون الاختبار استاتيكي أي الحمل ثابت, أو ديناميكي أي الحمل متغير مثل الاهتزازات
الاختبار قد يكون للجسم الأساسي أو الأجنحة في حال وجودها
و تستخدم نفس طرق استخراج البيانات كما في النفق الهوائي مع بعض الاختلاف
اختبارات المحرك
و المحرك قد يكون محركا صاروخيا أو محركا نفاثا, و في كلا الحالتين نحتاج اختبارات معملية للحصول على القوة التي يوفرها و متي انتظام اتجاه خروج قوة الدفع و معاينة استهلاك الوقود و درجة الحرارة و الضغط داخل المحرك
الصور في الأسفل توضح اختبارات لمحركات صاروخية
بالنسبة للمحركات النفاثة الاختبارات تكون شبيهة, و لكن المحركات النفاثة فيها تعقيد أكبر و تحتاج إلى قراءات أكثر مثلا سرعة دوران المحرك في الدقيقة و وضع الخانق
Throttle
و هذه أمثلة لاختبارات المحرك النفاث
هذا باختصار شديد جدا
و إذا وجد أي سؤال نحن مستعدو للإجابة إن كان بالإمكان
وفقنا الله و إياكم لما فيه رضاه و رضوانه
محبكم في الله